|
بقلم :عيسى سيد محمد
2021/06/24
|
|
|
|
|
|
|
|
وداعاً تلميذي المهذّب الوفي الدبلوماسي الّلامع
محمد شيخ عبد الجليل (أبو صفاء)
|
|
|
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي
إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم.
ببالغ الأسى والحزن العميق تلقيتُ نبأ وفاة المغفور له
بإذن الله الدبلوماسي والمثقف والقارئ النهم محمد شيخ عبد
الجليل (أبو صفاء).
عرفته - يرحمه الله - عن قرب، منذ طفولته، وتحديداً في
العام ١٩٥٧م وهي أول سنة بدأت فيها مهنة التدريس. كأن من
بين الطلاب المميزين، خلوقاً مهذباً. وبالرغم من أنه كان
من أسرة ثرية، إلا أنه كان بسيطاً جداً وهادئاً ذو خلق ما
جعله محبوباً من الجميع.
وبعد طول غياب كان لقائي الأول معه في عام ١٩٧٨م عندما كان
ممثلاً للجبهة في الخرطوم. قابلني بحفاوة وترحيب وقام وجلس
معى في كراسي المكتب وأنجز ما جئت من أجله بكل يسر وسهولة
حيث كنت مكلفاً بمهمة تربوية في دول الشام، عرّفني بإدارة
مكتبه وقال: هذا الرجل هو أصغر مدرّس قام بتدريسي، ولا ظلت
أكن له كل الود والاحترام. قام بجميع إجراءات سفري بنفسه
ورافقني بسيارته حتى المطار، ولم يكتفِ بذلك بل دخل معى
حتى صالة المغادرة وقام بإجراءات السفر.
كان متواضعاً، يتعامل مع مرؤوسيه بلطف واحترام. وكان رحمه
الله موفقاً في كل المهام التي يكلف بها، متفانٍ في عمله
وذكى وماهر ونشط. كان آخر لقاءٍ لي معه في عزاء شقيقته حرم
السيد برج بمدينة جدة التي قدُم إليها من اليمن حيث كان
يشغل منصب سفير ارتريا في صنعاء. أذكر أنني وصلت متأخراً،
وجلست حيث المتاح بعيداً عنه، وعندما لمحني من بعيد –
يرحمه الله – قام كعادته وعانقني بحرارة وأخذني وأجلسني
بجانبه، ثم عرّفني ببعض أقربائه، وهو يقول لهم: ÷ذا أستاذي
وهو أصغر معلم قام بتدريسي ولا ظلت أكن له المحبة
والتقدير. كان ببالغ في إكرامي- رحمه الله - لا يعرف
التعصب، تجده من أول الحاضرين في أي مناسبة من مناسبة
الإرتريين، حتى لو كان أصحاب المناسبة من فرقاء السياسة
والقناعات المتعارضة، جعل الله كل ما كان يتسم به دماثة في
الخلق وطيبٍ في المعشر وتقديرٍ للجميع في ميزان حسناته.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزنون يا
أبا صفاء ولا نقول إلا ما يرضي الله (إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). اللهم اغفر له وارحمه،
وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسّع مُدخله واغسله بالماء
والثلج والبرد ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب
الأبيض من الدنس. اللهم أجعل قبره روضه من رياض الجنة.
اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا والقه
برحمتك ورضاك وقه فتنة القير وعذابه. اللهم أحلّ روحه في
محلّ الأبرار وتغمده بالرحمة آناء الليل والنهار برحمتك يا
أرحم الراحمين. اللهم انقله من ضيق اللحود والقبور إلى سعة
الدور والقصور في سدر مخضود وطلح منضوض وماء مسكوب وفاكهة
كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة مع الذين أنعمت عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
اللهم اجعلنا وإياهم من عبادك الذين تباهي بهم ملائكتك في
الموقف العظيم وارزقنا حسن النظر إلى وجهك الكريم. اللهم
احشرنا مع الذين تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم
(دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ
أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
اللهم ألهم آله وذويه ورفيقة حياته وابنه عبدالجليل وبناته
ورفاق دربه الصبر والسلوان وحسن العزاء.
عيسى
سيد محمد
جدة يوم 24/ 12/ 2020
|
|
|
|
|