|
حاوره في أسمرا:
زكريا عبدالجواد
|
03/11/ 2020
|
|
حاوره في أسمرا:
زكريا عبدالجواد
2008\ 10\30
ارشيف عونا
|
|
|
|
أحمد عمر شيخ لـ
"البيان": أشقاؤنا العرب ينظرون إلينا من المدخل
السياسي
|
|
جريدة البيان
الأديب الأريتري أحمد عمر شيخ واحد من أهم الأصوات
الابداعية في الساحة هناك، ويكمن تميزه في كتابته باللغة
العربية واصراره على التعاطي بها، والتواصل معها، فهو إلى
جانب اصداراته الشعرية التي نشر منها حتى الآن «حين لم يعد
الغريب» عام 1993،
وديوان «تفاصيل امرأة» عام 1994 وحاز بعدهما على جائزة
المركز الأول لجائزة الدولة في الشعر الأريتري المكتوب
باللغة العربية عام 1995، إلى جانب ذلك أصدر روايته الأولى
«الأشرعة» في أكتوبر عام 1999، ومجموعة قصص «نوراي» عام
1997.
وأحمد عمر شيخ الذي يعمل معدا ومقدما للعديد من البرامج في
اذاعة صوت الجماهير الأريترية منذ عام 1992، من مواليد
ديسمبر 1966، وحاصل على بكالوريوس ادارة واقتصاد عام 1990
من احدى الجامعات السعودية، ونشر له العديد من القصائد
والقصص في صحف ومجلات أدبية في العديد من الدول العربية.
ـ كيف ترى الخريطة الأدبية في أريتريا، ما هي ملامحها،
خاصة ما يتعلق بالأعمال المكتوبة باللغة العربية؟ ـ
الأعمال الأدبية الأريترية في الفترة التي سبقت تحرير
البلاد والتي أعقبتها يكاد يكون المكتوب منها باللغة
العربية نادرا، بحكم ظروف كثيرة خاصة بعدما أقر البرلمان
الأريتري نظام الفيدرالية مع اثيوبيا عام 1952 وأقر
استخدام اللغتين العربية والتجرينية، بعدها اندلع الكفاح
المسلح، وفي الداخل في أريتريا منع تدريس اللغة العربية،
وقد أثر هذا المنع كثيرا على المنتوج الأدبي في تلك الفترة
ولذلك ظلت الأسماء محدودة جدا، وكانت الكتابات متفرقة في
بعض المجالات التي تصدر باللغة العربية داخل أريتريا، وفي
هذه الفترة كان من أبرز الأسماء التي ظهرت بعد انطلاقة
الكفاح المسلح بخمس عشرة سنة الشاعر أحمد محمد صالح وهو
شاعر ظهر في وسط السبعينيات ودرس في القاهرة وتوفى سنة
1978، في حادث سيارة، كان قد قدم بعض القصائد تعتبر ارهاصة
أولى للأدب الأريتري المكتوب باللغة العربية،
وهناك الشاعر الأريتري السوداني محمد عثمان كاجراي، وهذا
الشاعر يعتبر من العلامات المهمة، فقد كان من الشعراء
الذين كتبوا قصيدة التفعيلة، في الوقت الذي كانت هذه
القصيدة تأخذ حيزا في الشعر العربي.
وكان من أبرز الأسماء الموجودة في أريتريا في تلك الفترة
أيضا محمد محمود الشيخ، قدم القصيدة الجديدة المتأثرة
بقصيدة التفعيلة للسياب ومحمود درويش وسعدي يوسف والتيار
الجديد للقصيدة، وكتب بعض القصائد في الفترة نفسها في
نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وهو موجود حاليا في
الخارج ولا يزال يكتب شعرا.
هذه هي أبرز الأسماء، وأيضا هناك عبدالرحمن سكاب وهو أيضا
شاعر يكتب القصيدة الكلاسيكية، ويعمل معلما في الجمهورية
اليمنية وهو أيضا يعتبر من جيل محمد عثمان كاجراي، بعد ذلك
ظلت الأسماء محدودة في الفترة الحالية.
قد يكون الشعر الأريتري المكتوب باللغة العربية يعاني من
قلة الأسماء الابداعية المطروحة في الساحة حاليا، لظروف
كثيرة منها ان اللغة لم تأخذ حيزا في حضورها، بعد التحرير
بدأت التفاعلات تنتج وظهرت بعض الأسماء الشابة.
وبالنسبة للرواية فإن أول محاولة بدأت في السبعينيات وكانت
تتأرجح نحو السيرة الذاتية أكثر من كونها عملا روائيا
متكاملا بشروطه الفنية ولعل هذا بسبب ظروف المرحلة، التي
كانت في تلك الفترة تشهد البدايات، وتعتبر رواية «رحلة
الشتاء» للأستاذ محمد سعيد ناود قبل 25 سنة، ارهاصته
الأولى أو بداية للاهتمام بالعمل السردي الطويل،
وفي القصة القصيرة ظهرت مجموعة أعمال متفرقة، لم تكن كمّاً
بقدر ما كان هناك نوع، وبعضها أثبتت حضورا جيدا خلال
الفترة ما بعد التحرير، فقبل التحرير كان مجال كتابة القصة
محدودا جدا.
أما المسرح فقد كانت هناك بعض المحاولات المحدودة للشاعر
أحمد محمد سعد، جزء منها لم يكتمل لمحاولة كتابة نص مسرحي
باللغة العربية، غير هذا لا يوجد نص موثق.
هناك محاولات نقدية، ولا توجد حركة نقدية، ربما لغياب
الأكاديميين الذين يقومون بتناول الأعمال الأدبية بالنقد
والتحليل، أما المحاولات النقدية فهي محدودة ولا تزيد على
أحد المهتمين واسمه صالح ادريس سعد، أو «صالح الجزائري»
كما يطلق عليه، وهو الشخص الوحيد الذي حاول تقديم بعض
الاسهامات وان كانت محدودة إلا انها تعتبر ارهاصة أولية،
ربما هناك بعض المحاولات المتفرقة ولكن لا نستطيع أن نقول
هناك حركة نقدية متخصصة.
ـ منذ رواية محمد سعيد ناود ألم يكتب أحد روايات؟
ـ إن هناك عددا كبيرا من الاريتريين موجودون في الخارج،
ولكن ما يصلنا عنهم يشير الى انه لا توجد محاولات روائية
مطبوعة حتى الآن بينها، أما الروايات التي صدرت داخل
اريتريا باللغة العربية فلم يصدر منها إلا ثلاث فقط.
ـ بالنسبة لك ... كم رواية أصدرتها أنت؟
ـ لدي رواية أصدرتها عام 1997 اسمها «نواري»، والأخرى صدرت
عام 1999 واسمها «الأشرعة».
ـ ولكن هل لكم قراء باللغة العربية داخل اريتريا؟
ـ هناك جزء كبير من الشعب الاريتري يتعاطى باللغة العربية،
وهذا يتقارب به مع السودان، إذ ان هناك تجد فنانين كبارا
مثل محمد وردي وهم في أصولهم لديهم لغات أخرى، ولكنهم
يتعاطون الفن أو الابداع باللغة العربية، وأنا أيضا لدي
كذلك لغة أخرى ولكني أكتب بالعربية وأقرأ كل ما يصدر بها
ويصلني منها.
إن الخطاب الاعلامي الاريتري نصفه باللغة العربية والنصف
الآخر بلغة محلية هي التجرينية، قطاع كبير يصل الى 50% من
الشعب الاريتري لديه احاطة باللغة العربية في الداخل وفي
الخارج.
وكثير من هؤلاء المتحدثين باللغة العربية تجدهم في
المنخفضات، أما في أسمرا فقد لا تلاحظ ذلك، بحكم ان معظم
سكان العاصمة هم من القومية التجرينية، ان هناك الكثيرين
الذين يتعاملون باللغة العربية، لانها المرتبطة بثقافتهم
ودينهم، وهي موجودة، ومن خلال الروايتين اللتين أصدرتهما،
وجدت ان هناك معدلات للقراء جيدة،
ولكنها بحكم المناطق تتفاوت، إن معدلات التوزيع في الداخل
كانت جيدة، ومؤشراتها معقولة، ولعل هذا ما رأيته بعد اصدار
روايتي الأولى الأمر الذي دفعني لكتابة العمل الروائي
الثاني وباللغة العربية.
ـ ولكن هناك أدباء من أصول عربية يكتبون باللغة التجرينية؟
ـ نعود أولا إلى الأصول الموجودة في أريتريا، فجزء كبير من
الشعب الأريتري يعودون الى أصول سامية، وعندما تعود
تاريخيا حتى إلى أصول المتحدثين بالتجرينية بعدها تعود الى
جنوب الجزيرة العربية، وكثير من الاشياء والمظاهر
الثقافية، كنظام المدرجات الزراعية قريبة من أشياء موجودة
في اليمن، وهي قادمة إلينا من قبيلتي اجعازت وحبشات
اليمنيتين،
وقبل ألفي سنة عند انهيار سد مأرب نزح كثير من تلك القبائل
واستوطن في تلك المنطقة ونتج ذلك الخليط الذي يسمى
بالحبشة، خليط كان يحمل في الكثير من سماته العنصر العربي
في داخله، تجد ملامح الاريتريين مزيجاً ما بين الملامح
العربية والاريترية، هذا كله يؤثر في التكوين لهذا الشعب،
حتى اللغة التجرينية أو التجري وهي لغة يتحدثها أبناء
المنخفضات تلتقي في الجذر السامي مع اللغة العربية وبها
الكثير من المفردات العربية، لأجل ذلك لا توجد أي صعوبة في
تعلم اللغة العربية، وكثير من الاريتريين يتقنون اللغة
العربية تماما مثل أي مواطن عربي في دولة عربية، هذه
الصلات هي التي ينتج عنها،
أن يكون في الادب المكتوب حتى بالتجرينية بعض الخصائص رغم
ان اللغة قد تفتقر الى الكثير من المقومات ربما بسبب
عزلتها لفترة طويلة في هذه المنطقة تجد حتى الأدب المكتوب
بهذه اللغة، وكذلك الى أصول وثقافة عربية يمارسون الحياة
بهذه اللغة بحكم اتقانهم لها، ويكتبون محاولات أدبية وان
كانت في شكلها الفني لا ترتقي الى الأدب المكتوب باللغة
العربية، بحكم الفروق الموجودة بين اللغة ومستوى تطورها.
ـ ولكن معظم الأدب الصادر في
اريتريا .. الى أي لغة ينتسب؟
ـ الأدب المكتوب باللغة التجرينية هو الأكثر، بحكم ان تلك
اللغة هي المحلية أو الشفهية، تجد ان هذا الصراع يتجلى في
ابرز صوره حتى في العالم العربي بين اللهجة العامية واللغة
العربية، وهذا صراع قديم وبعض الأدباء كانوا يريدون
الكتابة باللغة العربية كلبنان مثلا، حيث يدعو سعيد عقل
لذلك، ولويس عوض ايضا الذي كان يدعو في مصر ايضا للكتابة
باللهجة العامية، لان التجرينية هي اللغة المحلية، فان
كتابة الأدب بها يظل هو الأسهل بالنسبة لكثير من الناس، عن
اللغة العربية التي تحتاج إلى مستوى ثقافي معين.
ـ الثقافة دائما لغة النخبة، فهل
«التجرينية» هي كذلك؟
ـ هذا إذا اتفقنا ان النخبة كلها تتحدث بلغة واحدة،
المجتمع الاريتري مقسم وبه تباين عرقي داخله، تجد نخبة
باللغة العربية في قطاعات كثيرة موجودة، وثقافات هؤلاء
تمثل ثقافة عربية، وهناك نخبة أخرى، تجدها تمثل قومية
التجرينية، فنحن هنا قوميات، والكثير من القوميات حتى جزء
من التجرينية يتخاطبون باللغة العربية التي هي بالنسبة لهم
هي لغة الثقافة بشكل أساسي.
ـ ما هي لغة النخبة المثقفة في
أريتريا؟
ـ بالنسبة لي أتكلم اللغة «العربية» و«التجرينية»
و«التجري»، وفي حياتي اليومية استخدم اللغات الثلاث، لكن
عندما نأتي الى مستوى الخطاب الابداعي الثقافي، ولكي تلتقي
كل تلك النخب فإن جزءا كبيرا منها يختار اللغة العربية،
ومن هنا فان النخب تتفاوت، فليس هناك نخبة واحدة، بل
مجموعة من النخب تشكل كلها الشعوب في المنطقة المسماة
بأريتريا.
الفن التشكيلي
ـ وماذا عن الفن التشكيلي في
أريتريا؟
ـ بحكم ارتباط الفن التشكيلي بالثورة لفترة طويلة، فقد كان
يأخذ الشكل التحريضي، فقد كان الفنانون يميلون الى الرسم
الواقعي، وكانت تنتشر رسوم تجسد نماذج معينة كحرب أو
بندقية وغيرها، ولكن بعد التحرير ودخول الناس الى المجتمع
بدأ الفنانون يتأثرون بالتيارات الجديدة كالفن التجريدي
والسوريالي والمدرسة الجديدة بكل تفرعاتها، فيما ظل أيضا
الأدب الواقعي حاضرا،
بالعكس فإن الفن التشكيلي يشهد نهضة في المرحلة الراهنة
ويجد تشجيعا كبيرا في هذا المجال وتقام العديد من المعارض
خلال السنة، حتى ان هناك فنانين أجانب يأتون لاقامة معارض
في أسمرة، والناس في اريتريا لديهم الرغبة للتعرف على الفن
التشكيلي.
هناك أسماء بارزة لعل من أبرزها حاليا ميكيل أدوناي، فنان
عاصر كافة المراحل ومازال قادراً على استيعاب التجارب
والتيارات الجديدة، وهناك ايضا الكثير من الفنانين اقاموا
معارض في الخارج.
ـ حدثنا اذن عن قضية التواصل بينكم
وبين المحيط العربي؟
ـ اريتريا دولة ناشئة وامكاناتها محدودة جدا على جميع
المستويات، وهذا يحتم علينا في البداية ان نبحث دائما عن
الآخر، فالآخر هذا ليس يحتاج الينا، بل نحن الذين في حاجة
اليه، ونسبة كبيرة من الاريتريين تشعر ان لديها ارتباطات
وجوانب بالمحيط العربي، حتى الانتماءات الافريقية في
اريتريا لاتزيد عن كونها انتماءات جغرافية،
اما الشعور الدائم وسط حتى هؤلاء الذين لا يتقنون اللغة
العربية بحكم التاريخ دائما نجدهم ميالون الى المحيط
العربي بشكل اكبر، ووفقا لهذه المعادلة فإن الامور تمضي،
وكما قلت فإن الامر يحتاج الى تعاطف ودعم اكبر حتى تستطيع
هذه البلد الصغيرة ان تتفاعل بشكل اكبر مع محيطها.
ـ كيف تحصلون على اصدارات الآخرين؟
ـ اليوم لم تعد الاجابة على هذا السؤال صعبة، فالفضائيات
موجودة في كل جزء من اسمرة، وهذه الفضائيات من الوسائل
التي تقوم بتوصيل ابداعات الآخرين، كما ان هناك تلاحماً
بين الاريتريين واخوانهم الموجودين في المهجر والذين دائما
ما يرسلون لنا بالكتب الجديدة الصادرة هناك وبشكل سريع،
وبالنسبة لي كثير من الروايات الصادرة حديثا قرأتها، الامر
الآخر فإن الذين يسافرون يعودون محملين بالكتب التي
نتبادلها جميعا.
ـ ألا توجد نقابة لكم او جمعية؟
ـ ان كل الامور تتم هنا بشكل فردي وحاليا لا توجد اي مؤسسة
لها اتصال بشكل رسمي، ربما بحكم ان اريتريا دولة ناشئة
حديثا، وبما يعنيه ذلك من اشكالات، وكذلك فإن الحروب التي
وقت فيها حتى بعد التحرير، هذه الحروب عطلت الكثير من
المشاريع التي كانت من الممكن ان تكون مفيدة.
ان الامور تسير هنا من ناحية الابداع بشكل فردي، ولكن لا
يمنع ذلك من حدوث امور جماعية فمثلا عقدنا منذ فترة في
اسمرة مؤتمراً في شهر فبراير عام 2000 كان حول «الادب
واللغات الافريقية» وشارك فيه معنا الدكتور شريف حتاتة
والدكتورة نوال السعداوي ومجموعة من المثقفين السودانيين،
وقد اقاموا ندوات ومحاضرات، كان جزء منها باللغة العربية،
وجزء آخر باللغة الانجليزية وكذلك باللغة السواحلية، وكان
هناك اقبال كبير من الناس، وخرج الضيوف بانطباعات جيدة.
طبعا الفنانون التشكيلون لهم جمعيات وتنظيمات عدة ولكن
الادباء لا، فالدستور الاريتري لم يطبق بعد، حتى شكل
النقابات لم يتبلور، وانما ذلك قد يتم من خلال مؤسسات
حكومية او مؤسسات الجبهة الشعبية للتنمية والعدالة وهناك
اتحاد للفنانيين، تم انشاؤه منذ فترة قريبة، وهو في طور
عقد اجتماعه الاول.
هناك لدى الدولة قسم الثقافة وهذا يحاول تأطير بعض
المهتمين كما ان الجبهة الشعبية الحاكمة لديها ايضا قسم
للثقافة، وهي تحاول اقامة مهرجانات وكذلك تؤطر بعض الناس
المهتمين بالفنون، ولكن الشكل الخاص بالنقابات لايزال غير
موجود.
تجربة شخصية
ـ ماذا عن تجربتك الخاصة في المجال
الابداعي؟
ـ بدايتي كانت في السعودية بحكم نشأتي وتعليمي هناك، كانت
منذ اكثر من 15 سنة، بدأتها بممارسة الفن التشكيلي،
واشتركت في بعض المعارض الجماعية في مدينة جدة، بعدها
واتذكر ان ذلك في سنة الجامعة، التي كنت احاول قبلها ان
اكتب الشعر، عقدت مسابقة على مستوى الجامعة، جامعة الملك
عبدالعزيز في جدة، وتقدمت مع كثير من الشباب،
ففازت القصيدة التي قدمتها، وكان ذلك هو التحول الاساسي
لدي، فقد اكسبني ذلك الثقة في ان امارس الكتابة، وكان في
ذلك الوقت هناك ادباء سعوديون بارزون، ومنهم محمد صادق
دياب رئيس تحرير مجلة الجديدة التي تصدر في لندن، لقد كان
من اوائل الذين اخذوا بيدي في البداية، نشر القصيدة في
ملحق الاربعاء الاسبوعي عام 1988،
وكان ملحقا جيدا كان يكتب فيه عدد من كبار الشعراء العرب،
في تلك الفترة بدأت اكتسب الثقة من خلال التشجيع الذي
احاطني، وكانت هناك من الاشياء التي تثير الغرابة حتى في
الاوساط الموجودة هناك، هي كوني اريتريا واكتب بشكل مقبول،
في هذه الفترة نشرت في الكثير من المجلات التي حاولت من
خلالها ان اجرب طرح اسمي، واخترت كثيراً من الوسائل التي
كان يكتب فيها الكثير من الشعراء والادباء، وكمحاولة
للتجريب كنت ارسل لهم
وكانوا ينشرون ومنها مجلة الابداع في مصر وكثير من الصحف
السعودية والكويتية هذا قبل 12 عاما، وبعد التخرج عدت الى
اريتريا وواصلت نفس المشوار، وبدأت انشر في منابر جديدة
مثل المنتدى الاماراتية التي تصدر من دبي ومجلة اتحاد
الكتاب العرب التي تصدر ملحقا ادبيا، وهذا ما حقق لي نوعاً
من التواصل وكنت اتلقى الكثير من الآراء
وهذا ما شكل اضاءات لي لمواصلة هذا المجال، غير ذلك كان
هناك تجاوب جيد مع الجمهور الاريتري الذي كان يتقبل ما
اكتبه وكان يرسل في بعض الاحيان رسائل للمؤازرة، خاصة
هؤلاء الموجودون في الشتات والذين يمثلون جزءاً كبيراً من
الشعب الاريتري.
دخلنا في ديمومة العمل وان كان في بداياته الاولى، الغريب
بعد ذلك بعام واحد اي في عام 1994 اصدرت ديوانا آخر هو
«تفاصيل امرأة قادمة من السودان»، وهو يتناول واقع الشتات
الاريتري بعد هاتين التجربتين كانت اول جائزة خصصت للشعر
الاريتري المكتوب بالعربية، في مهرجان ثقافي نقيمه في
اسمرة سنويا، وكان ذلك عام 1995
وحصلت على الجائزة الاولى، وبعد ذلك اقيمت جائزة للرواية
او الادب الاريتري المكتوب باللغة العربية وحصلت ايضا على
جائزة الدولة عن روايتي «نوراي» اضافة الى الجوائز الاخرى
التي حصلت عليها من السعودية، وهذه الاشياء كانت هي التي
حفزتني لمواصلة الكتابة.
ـ وماذا عن النشر.. كيف تنشرون
اعمالكم؟
ـ هناك جهات محدودة مثل الجبهة الشعبية الحاكمة اصدرت
اعمالاً محدودة جدا، وهناك الاتحاد الوطني للشباب وطلبة
اريتريا وهي منظمة شبابية اصدرت كتابي الاول عام 1993، كما
تجد بعض رجال الاعمال الاريتريين يتبنون بعض الاعمال
الادبية فالاعمال الثلاثة الاخيرة لي، قام بنشرها رجال
الاعمال الاريتريون.
ـ وماذا عن التوزيع كيف يتم تسويق ابداعاتكم؟
ـ التوزيع يتم بشكل جيد، فالتوزيع يتم جزء منه هنا، في
الوقت الذي يتم فيه توزيع الجزء الباقي على الارتيريين في
المهجر، كما اننا نوزع في الخليج ولندن واستراليا وامريكا
وهي الدول التي يتواجد بها معظم ابناء اريتريا المهاجرين
الى الخارج، وهذا يتم بالتعاون مع وزارة الخارجية،
فالسفراء يقومون بدور مهم في المساهمة في توزيع اعمالنا
ونشرها.
حضور قوي
ـ كيف ترون التواصل مع العالم
العربي.. هل هناك في المنطقة العربية من يقرأ ابداعاتكم؟
ـ اريد ان اقول ان هناك تجاهلا، فنحن نسعد عندما نجد ان
صحفا عربية تأتي الينا، على اساس ان تكون هناك مساحة
للتواصل، فهذا هو من اكثر الاشياء التي نفتقدها في
اريتريا، فنادراً ما تأتي صحف ومجلات او حتى فضائيات لديها
وزنها في العالم العربي تهتم بهذه المساحة، حتى اننا نذكر
بامتنان ان صحفا ووسائل اعلام عربية جاءت
وهذا ما يشعرنا اننا قريبون جدا من الوطن العربي الذي
ننتمي اليه والذي نشعر بانتمائنا له، وبالتأكيد ان اللغة
العربية والادب العربي يحتاج الى مجهود ضخم لخلق ملامح
للمستقبل، لكي يكون لها دور في هذه المنطقة، وهذا لن يتأتى
إلا بالتواصل وعن طريق اناس اكبر قدرة منا واكثر امكانية
حتى يستطعيوا ان يقدموا للواقع هذا.
لن نقول اننا في اريتريا بحاجة الى كتب وغيرها، لانها بشكل
او بآخر تصلنا ولكن نحن محتاجون للشعور بأننا جزء من
العالم العربي، ولو جئنا الى المجال الثقافي مثلا، نجد
كثيرا من الاهتمام، هناك من يعمل ملفا ثقافيا عن السودان،
وعن دول اخرى حتى الصومال،
وأؤكد اننا في اريتريا وبشكل اكبر من الصومال فإن اللغة
العربية لديها حضور قوي في اريتريا وعندها ناسها الذين
يتقنونها بشكل افضل، ورغم ذلك نجد هناك اهتماما موجوداً،
بينما مساحة اريتريا يعبرها الناس ويمضون، فاذا اهتم
الاشقاء بهذا الجانب فإن التواصل سوف يتم،
وحتى الزيارات ان شاء الله في المستقبل في حال استقرار
الاوضاع السياسية وهدوء الحرب بين اريتريا واثيوبيا، فقد
تتاح لنا فرصة للتحرك اكثر، لمساحة اوسع، فالكلمة يمكن ان
تخترق مسافات وحواجز كثيرة واي اريتري يسعده حتى ولو كان
ينتج او يعمل عملاً للجمهور الاريتري، فإنه يعتقد لو ان
باستطاعته توصيل كلمته الى مكان والى مساحة اوسع، فإن ذلك
بالنسبة له يمثل دافعا.
افرح كثيرا عندما ارى نقادا في العالم العربي يكتبون عن
اعمال كتبها اريتريون وليس بالضرورة بشكل ايجابي، ولكن
بطريقة تبصرنا لكي نستفيد ونتقدم خطوة اكبر للامام، وهذا
شعور اي اديب اريتري او اي انسان يتعامل بهذه اللغة،
وكثيرا من الزملاء في اريتريا دائما ما يتحدثون عن ان
المدخل الثقافي هو المدخل الاقوى دائما لأي مجتمع ولأي
بلد، لانه على الاقل يضمن الاستمرارية، بينما السياسي يعيش
تقلباته،
فالجانب هذا في اعتقادنا هو اقوى مدخل يمكن للناس ان
يسهموا فيه ويتفاعلوا مع الاريتريين الذين هم ايضا جزء من
هذا العالم بدلا ان يكون الامر منحصرا في الطرح السياسي،
والصحافة تهاجمنا وتتحدث عن اريتريا لماذا ابتعدت عن جامعة
الدول العربية، ولماذا لم تشترك خلال السنوات الماضية،
وانا ارى انه بدلا من التركيز على هذا الجانب
فلننظر الى الجوانب الاكثر ديمومة، فإن المسائل الاخرى
بشكل تلقائي سوف تنعكس فيه حتى في القرارات السياسية،
سيكون فيه تواصل اقوى.
|
|
|
|
|