بقلم : الاستاذ / محمد علي حامد ابوزينب
الثامن عشر من ربيع الأول 1443
2021/10/25
بسم الله الرحمن الرحيم
زمن العجائب
تمهيد:
المتابع للأحوال الجارية في الساحة العالمية في القرن
الماضي وفى كل جوانبها الحياتية وعلى المستوى العالمي
للكرة الأرضية يجد العجب العجاب فالصديق صار عدو والعدو
صديق والحق باطلا والباطل حق والمعروف منكرا والمنكر معروف
وتحولات جنونية متسارعة ومتهافتة، لا يكاد العقل يستوعب
أبعادها وآثارها المترتبة على مستقبل الإنسانية جمعاء
وكوكب الأرض.
اما في حالتنا إلارتيرية فهي الأكثر عجبا وتعقيدا وتزداد
كل يوم بالعجائب داخليا وخارجيا، فهل يا ترى المشكلة
والعيب فينا أما زماننا.؟
ويكفينا عجبا لدولتنا وهي تدار من قبل حكومة مؤقتة لثلاث
عقود من الزمن بلا مؤسسات أو دستور أو برلمان يمثل
الشعب،قسمت الشعب إلي سجنين كبيرين واحد بالداخل والآخر
بالخارج وكلاهما في خطان متوازيان لم يلتقيان لثلاثون
عاما.
فكيف يمكننا ان نحكم على حروب عالمية قضت على مايقارب من
نصف سكان الأرض والهدف منها البحث عن النفوذ والسيطرة
والشهوات السلطوية والثرواتية، ويتم القضاء على شعوب كاملة
بتاريخها وثقافتها واعراقها واعرافها واندثار حضارتها من
على الوجود ليبنى الآخرين حياتهم وذاتهم على انغاض وموت
البشرية ونجد بعد ذلك و بكل بجاحة واستفزاز ليبرروا لهذه
الجرائم بطرق وأساليب تنافي وتعارض مصطلح الإنسانية
نفسها.!!!
كما هو معروف أن الصراعات الأبدية والسنن الكونية
للاختلافات الطبيعية للمخلوقات،البشرية والحيوانية في هذا
الوجود وكيفية تعايشها مع بعضها البعض وتجاوبها وانسجامها
وتكيفها وتكييفها مع بيئتها الطبيعية ومع من حولها بحيث
تعيش بسلام وتتنغام، لكن هنالك ثمة ملاحظات في القرن
الماضي وخاصة العقود الأخيرة ومالازمها من اختلال فى
المعادلات والموازنات فنجد طغيان وتجبر واحتلالات
واختلالات كبيرة ادت وتودي نتائجها إلى كوارث لا تحمد
عقباه أو إنفجار في المنظومة الكونية والمعمورة كلها.
هنالك فئات وأصناف بشرية دائما وأبدا تبني حياتها على
انغاض الآخرين ومجدها وتاريخها المزور المزيف والغير حقيقي
على موت وإذلال الآخرين الذين هم في الغالب الاعم اهل
وأصحاب الحق الاصلي.
وكانت النتيجة الحتمية ماشهده العالم من الحروبات
والصراعات العبثية والقتل والسلب والنهب والفساد
والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ونهب الثروات والخيرات
بغير وجه حق مشروع، والنفوذ على حقوق الشعوب والاوطان
واهلاك العباد والبلاد.
وبالرغم ما وصل إليه العالم من التقنيات الفنية والتطور
الحديث والازدهار في العلوم كلها وغزو الفضاء والوصول إلى
عالم أخر لكن فشل في إسعاد إنسان الأرض بل نجد الصراعات
والحروب والفتك ينتشر في كل شبر من كوكب الأرض والحقد
والكراهية والأنانية هي القاسم المشترك الأعظم لسكان
المعمورة قاطبة.
اما بخصوص حالة الشعب الارتيري فإنه لم يكن بدعا من الزمان
فتاثر بكل هذه العوامل المحيطة سلبا وايجابا، ولكنه عرف عن
غيره بالكثير من المميزات جعلته محافظا ومسالما ومحاربا
كذلك من أجل انتزاع الحرية والعدالة والكرامة ومطالبا
بكامل حقوقه المشروعة.
فقد قدم أقوي ثورة عرفتها القارة السمراء أمام امبراطورية
متكاملة إلاركان عدة وعتادة، فكان لهم مااردوا وسعوا له
بجدارة واقتدار.
لكن العجب وياله من عجب أحوالنا هذه الايام، فبدل الجسم
الواحد المعروف والقوة المتماسكة صرنا كتلا وأجسام متعددة
وأجزاء متجزئة متصارعة فرقا واحزابا، وكل منا يحسب إنه على
صواب بل بمالديهم فرحون ويكاد يبلغ الثريا ومصدقا نفسه وهو
لايدري تحت الثري،فكيف يأتي النصر والانشطارات الانقسامات
كانت سيدة الموقف والنتيجة والحال يغني عن السؤال ويشمت
بها الصديق قبل العدو، فإلى أين المصير والمسير؟؟ وذاك
التاريخ الأبيض الناصع؟؟
هل سوف نبقى نتغني بامجاد الماضي ونعزف على أوتار الذكريات
البطولية الجميلة المعروفة أما نستفيد منها لأخذ الدروس
واستلاهم العظات والعبر.؟
حال الوطن والمواطن من الداخل ومنذ الإستقلال في قبضة شخص
واحد وثلة تسلقت المشهد السياسي على حين غفلة من الزمن
ففعلت مالم يفعله النجار المبتدئ فى الخشب، ربما الكل
متعجب لهذا الموقف المعروف ولااريده سرده تفاديا للتكرار
لكن فى المقابل أين ردة الفعل طيلة هذه الفترة الطويلة
ولماذا السكوت المخزي والمحزن ولم نستطيع الخروج من
الإدانة والحرب فقظ على مواقع التواصل الاجتماعي.!!؟؟
اما الطرف الآخر والذي يجلس على الأريكة والمنضدة وفي
الغالب الاعم يكون على السرير وهو الهدف الأسمى ليخلد في
نوم عميق هادئي على شاكلة أهل الكهف وإن أختلفت الأزمنة
والمناسبات، وفي حال الاجتهاد الأقصى تجدهم يتجولون مابين
عواصم الإفريقية والأوربية ويغير جلده ومسماه بحسب
المواكبة العصرية ليجد نصيبه من الكعكة الوهمية وإيجاد
كرسي في الدولة المجهولة والسلطة الوهمية المفقودة
أصلا.!!!
ليس أمامنا إلا الحلول العملية فى أرض الواقع بعد كل هذه
التجارب والمحاولات التي بات بالفشل خاصة في هذا العصر
المفتوح على مصرعيه والذى يعج بقوة التواصل الاجتماعي
وسرعة تدوال المعلومة وهذا يتطلب التوحيد والتجرد والتحرك
فى وجهة عملية محددة المعالم ومقنعة للجماهير الذى أخذت
المناعة الذاتية من كثرة التجارب والنظريات الوهمية وكمية
الحبر والمداد المسكوب على الورق لثلاث عقود بلا فائدة
ولايساوي الحبر الذي سطره.!!
هل فكرنا في وضع وحال الأجيال القادمة وماذا سيكون حالهم
في ظل كل هذه التناقضات والمتنافرات، اما شخصنا حال
المواطن الذي نصفه في بالداخل في سجن كبير وآخرون يقبعون
في الزنازن الانفرادية والسجون والمعتقلات المظلمة وتحت
الارض لم نعرف مصيرهم للان، والنصف الأخر خارج المعادلة
الوطنية في معسكرات النازحين فى دول الجوار وتتفاقم
معاناتاهم فى كل وقت وحين وآخرون يقضون نحبهم في طريق
الموت ماببن الصحراء والمحيطات والبحار.
حقيقة أن التغيير الفعلي لم ولن ولا يأتي حتى نغير
المفاهيم المغلوطة كلها ونلملم اطرافنا المتشتتة
والمتعبثرة والغاصية في بوتقة واحدة رافعين شعار واحد وتحت
لواء واحد ومسمى واحد ( أرتيريا أولا ).
ومازال السؤال المشروع بعد كل ذلك قائم ويفرض نفسه
بقوة،أليس هذا زمن العجائب اما نحن الذين صنعناه.؟
لكن ولكي نفك طلاسم بعض هذه الاستفسارات والاستفهامات
والتعجبات نستطيع القول وبكل صراحة:
نعيب زماننا والعيب فينا... ومالزماننا عيب سوانا. بقلم/
محمد علي حامد ابوزينب
الثامن عشر من ربيع الأول 1443