منبر الحـــــوار

بقلم / الامين عبدالله

2020/06/12

 
 
 


الخروج من دائرة الكلام الى دائرة الفعل
 

ان المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي يمثل عصارة تجربة المقاومة الارترية للعمل المشترك ويشكل صيرورة المشروع الوطني الذي بدأت نواته الاولى في خمسينات القرن الماضي بإنشاء الكتلة الاستقلالية بقيادة القائد ابراهيم سلطان رئيس الرابطة الاسلامية الارترية حيث تم التوافق على اركان الكيان الارتري : وحدة الشعب، ووحدة الارض والثقافة الجامعة المتمثلة في رسمية اللغتين العربية والتغرنية كلغتين رسميتين للبلاد . وعليه تم وضع اللبنة الأولى للكيان الارتري الحديث ، حيث يربط اطرافه الخيط الناظم للمشروع الوطني الذي لم ينقطع بل اصبح يشتد بتأسيس حركة تحرير ارتريا (محبر شوعتي) بقيادة المناضل محمد سعيد ناود وبعد إنزال العلم الارتري والغاء اللغة العربية والتغرنية وابدالهما بالامهرية والغاء النظام الفيدرالي وضم ارتريا قسرا الى اثيوبيا اصبح الخيار الثوري هو الخيار الامثل كوسيلة ناجعة لمواجهة المخطط الاستعماري بإذان الكفاح المسلح بقيادة القائد البطل حامد ادريس عواتي.
وبالرغم من تعاظم وتيرة الثورة التي صاحبتها قصور واخفاقات نتيجة حداثة التجربة وغياب دليل نظري بالاضافة الى حرب الكر والفر التي كانت تبنتها الثورة مما نجم عنها اخطاء هنا وهناك بالاضافة الى سلبيات تجربة المناطق الخمسة التي تم تطبيقها في بدايات الثورة في الستينات بالرغم من أنها ساهمت في توسيع رقعة انتشار الثورة ولكن كل تلك التراكمات السلبية في مسيرة الثورة شكلت مجمل المرارات والمآخذ في مسيرة النضال الثوري وقد يحاول البعض ان يعطيها بعدا اجتماعيا وللاسف الشديد يتم استدعاء تلك الذاكرة واقحامها في المعترك السياسي حيث انها تفسر اسباب ظاهرة للاصطفافات والانشطارات في التنظيمات المعارضة وتتجلى في حالات الضعف والانحدار . بيد ان هناك اهمية للمكاشفة قبل فوات الأوان في ظل وجود بعض الشخصيات الفاعلة في تلك المراحل الماضية بيننا حتى لا نورث تلك الصور النمطية من الاصطفافات للاجيال الجديدة.
ولا سيما لم يكن من الانصاف محاكمة تلك التجارب بعقلية اليوم ولكن لوضع حد لحالة التيهان التي نعيشها ولاهمية المصارحة لطي صفحة الماضي وترتيب الأولويات ودعم وتنظيم الصفووف والتمسك بالمشروع الوطني وذلك من اجل وضع اللبنات الاؤلى لفجر الحرية واقامة دولة ديمقراطية أساسها حقوق المواطنة.
إن المقاومة الارترية بعد تجربة اكثر من اربعة عشر عاماً من العمل المشترك قد توصلت الى أهمية مشاركة الجماهير عبر منظمات المجتمع المدني والجاليات الارترية في بلاد المهجر وهذه محمدة تحسب للمقاومة بجانب بقائها كشعلة مضيئة للمقاومة الصامدة طيلة فترة ثلاثون عاماً. وانعقاد ملتقى الحوار في عام 2010 يمثل نقلة نوعية ولكن صاحبته بعض حمى تكوين منظمات مجتمع مدني وتنظيمات قومية بغرض حضور الملتقى وسرعان ما تلاشت بعضها بعد انعقاد المؤتمر الاول للمجلس الوطني في عام 2011 والبعض الآخر اصبح خصما على تجربة المقاومة.
بالرغم من المعوقات الكثيرة التي شكلتها القوة المناوئة للمشروع الوطني لقد كان الملتقى يمثل اول تظاهرة جماهيرية من حيث حجم الحضور وتنوعه المجتمعي والفئوي في مسيرة نضالنا المقاوم حيث شاركت فيه كافة مكونات المجتمع الارتري.
وبعد عام عقد المؤتمر الاول وانبثق منه المجلس الوطني الارتري للتغيير الديمقراطي وخرج بمشروع وطني ومخرجاته تتمثل في وثائق الميثاق السياسي ، النظام الاساسي، خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية ومسودة دستور.
ولقد أزعج نجاح المؤتمر نظام اسياس كما حرك وتيرة القوة المناهضة للمشروع الوطني حيث عملت جاهدة لتقويض التجربة.
رحبت الجماهير وتناغمت مع نجاح المؤتمر ولكن للأسف الشديد لم تكتمل فرحة جماهير شعبنا نظرا لأسباب كثيرة أدت الى حالة الجمود التي صاحبت المجلس الوطني بعد انفضاض المؤتمر وذلك لاستخدام اسلوب المحاصصة في اختيار القيادة ، الصرعات الارترية القديمة المتجددة ، بالاضافة الى اعتماد المجلس في ميزانية على الجهة الداعمة أي "منتدى صنعاء في اثيوبيا" ولقد جاءت الطعنة في خاصرته نظراً لاستقواء بعض التنظيمات الارترية بدولة المقر اثيوبيا في تعطيل بل ومحاولة إجهاد التجربة من خلال النيل من مخرجات مؤتمر اواسا والرجوع بنا الى المربع الأول بالتهجم على الرمز القائد ادريس حامد عواتي مفجر الثورة واستهداف اللغة العربية .
لقد تجاوز المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي تلك التحديات باعتماده على قواه الحية وجماهيره المثابرة وتمكن بعقد مؤتمره الثاني في استوكهولم في ابريل عام 2019 بإمكاناته الذاتية وخروجه من الوصاية الإثيوبية.
بعد مرور عام على انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس الوطني المتابع للتصريحات المتتاليه لقيادات حوحات ( الوياني) السيد سبحت نقا الأب الروحي لوياني والسيد برخت سيمؤن في استقوائهم لطرف دون آخر والتدخل في الشأن الارتري ونظرتهم لارتريا عبر دعوات قديمة متجددة وجدت تجاوب من بعض تنظيمات ومجاميع ارترية تتماهى مع اطراف اقليمية في المنطقة وتطل علينا مرة اخرى بارهاصات تتكالب على ارادة التحرير المتمثلة في المشروع الوطني وعليه ان قيادة المجلس الوطني والتنظيمات المنضوية تحته وكافة القوى الوطنية خارجه ان تواجه هذا التحدي وتركز في تطوير اداء المجلس بعد استكمال مرحلة التأسيس والتشذيب وتوفير متطلبات المرحلة والتركيز في تنشيط كافة فروعه والتناغم مع الداخل والقيام بعمل في الساحة الداخلية مما سيجلب زخما جماهيريا لدفع عجلة التغيير.
حينئذ يمكن لأي تحرك خارجي على المستوى الاقليمي او الدولي ان يكون له مردود إيجابي ويمكن ان نعتبر رقماً في الحراك القائم في منطقة القرن الافريقي .
وفي هذا الوقت الذي اصبح فيه الوطن في مهب الريح من جراء سياسة النظام الديكتاتوري مسؤلية كافة القوى الوطنية الارترية المستنيرة والحادبة على المصلحة الوطنية ان لا تقف محيادة . وفي تقديري تفاعل النخب في حملة استغاثة دنكاليا في مواقع التواصل الاجتماعي وايضاً الحوارات الجارية في منتدى الحوار الوطني كلها مؤشرات تبعث الأمل في ما يمكن عمله إذا صدقت النوايا.
وانتهز هذه الفرصة مرة اخرى لتوجيه نداء لكافة اصحاب التخصصات الذين يعملون في مجالاتهم بتشكيل منظمات مهنية حقيقية كلٌ على حسب تخصصه حتى يساهم بشكل مؤسسي في عملية التحرير، وهي ضرورة ملحة يمليها علينا واجبنا الوطني تجاه قضية شعبنا والخروج من دائرة الكلام الى دائرة الفعل حتى لا يملأ الفراغ بأصوات نشاز التي تعج بها اسافير التواصل الاجتماعي لان الطبيعه لا تحتمل الفراغ
وفي الختام سلام