منبر الحـــــوار

 

وكتبه الدكتور جلال الدين محمد صالح � لندن 14/3/2003
ارشيف عونا
 

 

 

 
 
 

 

المرأة في ساوى حرة كريمة أم متعة رخيصة ؟
 



المرأة إنسان كريم، لم يمتهن كرامتها ، ويدنس أنوثتها إلا لئيم متعر عن قيم الكرامة، ولقيط غاص في أعماق الرذيلة، واستبدت به عقده النفسية، ونشأ في نفسه نشأة شقية، مشوبة بالإنحراف الأخلاقي، في بيئة منزلية، لا حرمة لها، يقصدها كل عابث وعاهر، ويلجها كل ساقط ولاقط، ممن يبحث عن متعة رخيصة، وسهرة ماجنة،.


وعُرف المجتمع الإرتري بكل مافيه من مآخذ يزدري بمثل هذه الشخصية، وتتبوأ فيه الأسرة والمرأة مكانا عاليا ، ومنزلة سامية، يصونها من كل مهانة ولآمة، تحط من قدرها، يقدسها وهي طفلة في حضن التربية، وزوجة في بيت الزوجية، وأم ترعى براعمها، وجدة تقطف ثمار تربيتها، من بعد أن صنعت الرجال، وخرجت الأبطال، وصار لها حفدة من البنين والبنات.


آوت الثورة في مواطنها، وتسترت على كل تحركاتها وتنقلاتها بين الأرياف والمدن، والجبال والسهول، غذتها بفلذات أكبادها، واسترخصت في النهوض بها كل غال ورخيص، طحنت لها، وطبخت، وتعرضت لأقسى أنواع البطش والقهر الاستعماري، فما وهنت وما استكانت، كل ذلك من أجل أن تنعم بوطن عامر، يؤمنها من خوف، ويطعمها من جوع، ويضمن لها ولبنيها أسباب الرقي الحضاري، والاستقرار النفسي، غير أن الأمر جاء على خلاف ما كانت تحلم به، فهاهي تجد نفسها في معسكرات السخرة والابتزاز الجنسي، تطاردها وحوش في شكل بشر، يقتحمون عليها المنزل ، وينتزعون من حجرها وليدها اليافع، لا يبالون ذكرا كان أم أنثى، وحيد الأسرة، أم ثاني اثنين، وثالث ثلاثة فيها... لا ترقق قلوبهم دموعها، ولا شهيق الحزن منها وزفيره، ولا توسلات الرجاء والاسترحام المنبعث من عمق فؤادها، جفاة، قساة، يغادرون منزلها، ولعناتها ودعواتها بالخلاص منهم وسرعة الفرج من عدوانهم، تلاحقهم وتطاردهم.


معسكر "ساوى" مظهر من مظاهر امتهان كرامة المرأة الإرترية التي جعل منها نظام الجبهة الشعبية باسم الخدمة الوطنية جسدا للترفيه والاستمتاع، تدنسه الكلاب المسعورة، وتفض بكارته البريئة وتمزق بوحشية عذريته الطاهرة، التي طالما انتظرت يوما تزف فيه عروسة مزوكشة، ومرصعة بفنون الذهب والزينة، تودع من الأهل والجوار في القرية والحضر بالفرحة والغبطة والسرور، إلى بيت الزوجية، لتشبع هنالك غريزتها الجنسية بالطريقة الحضارية والشرعية، والإنسانية، ولتنجب للمجتمع جيلا جديدا، ترضعه قيم الفضيلة، وتلقنه شيم الكرامة، والمروءة، والرجولة.


هذا المعسكر وسمة عار في جبين الوطن، وبؤرة فساد وانحلال، يبرهن بكل ما فيه من قذارة ودناءة على حقيقة نظام الجبهة الشعبية وطبيعته الإفسادية، هذا النظام الذي يحاول أن يجعل من ثقافة الكندوم ثاقفة مستساغة ومقبولة، في مجتمع له ثقافته الخاصة، النابعة من تراثه الديني والعرفي، وقد بلغ به الإنحطاط الأخلاقي إلى استقبال الأفواج العائدة إليه من اللاجئين بالكندوم، وإلى حد تفاخر فيه رئيس اتحاد الشباب الإرتري التابع لأفورقي محي الدين شنقب أمام وفد اتحاد الشباب السوداني بأن اتحاده قام بتوزيع كميات كبيرة من الكندوم على الشباب، مما جعل منه محل سخرية وتنكيت أمام الوفد.


وبهذا نجد الشاب الإرتري يفقد دوره الريادي في قيادة البلد، ويتحول إلى مروج الدعارة، وموزع الكندوم، يالها من سخرية وسفالة.


وإرتريا كلها التي حولها النظام إلى سجن كبير، لا يفتح الناس فيها أفواههم إلا عند زيارة طبيب الأسنان وبكل حذر إذا كان في البلد أطباء أسنان، تجد في كل قرية منها ومدينة مخمرة ودعارة، أما مدنها الكبرى فتعج بالمراقص الليلية، وما بين كل بار فيها وبار تجد بارين.


في هيمنة ثقافة العهر والتفسخ من الطبيعي أن يكون الاغتصاب ظاهرة عامة، وإذا كانت الصحافة أبرزت لنا معاناة المرأة في معسكر "ساوى" فليس ببعيد أن يكون هناك أكثر من موقع ومركز حكومي، يجري فيه الاغتصاب على قدم وساق، وربما كشفت لنا الأيام الخبايا والخفايا، ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا، ويأتيك بالأخبار من لم تزود.


وملف "ساوى" في الاغتصاب الذي تنشره المواقع الارتريه على الإنترنت يعد أهم وثيقة إدانة للنظام في انتهاكه حرمات أعراض المجتمع، يضاف إلى وثيقة "مجزرة دسيت" التي نشرتها موقع النهضة، والتي تدين النظام في انتهاكه لحرمات حياة المجتمع.


وميزة هذه الوثيقة أنها تحقيق صحفي من صحيفة أسترالية تمكن ناشر المقال فيها وهو الصحفي (زافر كانو) من تقديم عينات من الفتيات المتضررات في هذا المعسكر السيئ الذي وصفه الصحفي المذكور بمعسكر الاغتصاب والفرد الذي لا ينشط في مقاومة نظام من نوع هذا النظام المتهتك المدان عالميا في كل ممارساته وسياساته الهابطة حري به أن يوسم (بالديوثة) والديوث هو الذي يرضى فعل الفاحشة في أهله، من غير أن تنتابه رعشة، أو تهتز فيه شعرة.


من هنا يستحق الإخوة في المواقع التى تنشر هذا الملف شكرا على هذه الإضافة الإعلامية، وهذه الروح المتضامنة مع حق المرأة الإرترية، وإن شاء الله سنتحدث بشيئ من التفصيل عن هذه الفعلة الشنيعة في المقالات القادمة، ضمن سياق هذا الملف الإعلامي، وأهيب بكل المقتدرين من الكتاب الإرتريين أن تكون لهم مساهمة في الكتابة حول هذه المسألة التي لا بد أن تجد المقاومة من كل الأحرار والأطهار ممن لا يرضون السوء والفاحشة في بناتهم، وأخواتهم، وأمهاتهم، وزوجاتهم، وخالاتهم، وعماتهم.