منبر الحـــــوار

 

بقلم : محمـد سـليمـان أسـناي ( كـدوس)
Kadous46@ymail.com
 
من ارشيف عونا

 

 

نعـم ... بنـاء الثقـة هـو جسـر العبـور

الى:

2020/07/27   

عونا

التغيير الديمقراطى والتعايش السلمى بين مكونات الشعـب الارترى ومع دول الجوار وسائر شعـوب العالم .. ولكن بعضنا تعود على هدم الثقة وتكسير الجسور ومعادات الديمقراطية ونبذ التعايش السلمى ومحاربة كل ما يتفق عليه الشركاء العقلاء، وصحائفنا الوطـنية توثق لأحداث الأمس واليوم

 
 


نعـم ... بنـاء الثقـة هـو جسـر العبـور

الى:"2 "
 

التغيير الديمقراطى والتعايش السلمى بين مكونات الشعـب الارترى ومع دول الجوار وسائر شعـوب العالم .. ولكن بعضنا تعود على هدم الثقة وتكسير الجسور ومعادات الديمقراطية ونبذ التعايش السلمى ومحاربة كل ما يتفق عليه الشركاء العقلاء، وصحائفنا الوطـنية توثق لأحداث الأمس واليوم، ومما يزيد فى مخاوفنا ويقلق مضاجعنا ان معظم المؤشرات التى تقرأ الواقع الحي لا توحى بأن الغد سيختلف كثيرا عما نعايشه اليوم، ما لم نثور ونغضب على سياساتنا التى اصبحت نسخة اصلية من سلوكياتنا الاجتماعية التى يتحكم فيها الخجل المتبوع بالانفعالات اللا اٍرادية وعدم تسمية الاشياء بأسمائها الى جانب سلطان الحياء الموروث الذى اصبـح يمنعنا من المطالبة بحقوقنا المشروعة بثقة المالك الراشد القادر على حل المسائل وبالعدم خلق البدائل العادلة التى تضمن له سيادته على أرضه، عليه حرى بنا ان نكتسب المهارات السياسية ليحل الحذر والخبث والفطنة محل العاطفة والخجل والحياء الذى أضاع الوعاء ومحتواه.

الحلقـة الثانية (2)


أما الرؤى التى تتحدث عن ( المنهج الآمن ـ دعوة الى وقفة مسئولة ـ العدالة الانتقالية كوسيلة نضالية ) فى سبيل البحث عن علاج شافى لقضايا الوطن المأزوم وايجاد مخارج آمنة للنظام المورط فى وصفة عـلاجية مزدوجة، ينبغى ان تكون نتائجها بقدر المخاطر والمعاناة وان تكون على الأقل مأمونة ان لم تكن مضمونة وذلك لثقل المغامرة وخطورتها، ومن البديهى ان لا يجد المريض علاجا شافيا مالم يعترف بمرضه ويقوم بتوصيفه للطبيب، وهذا يجرنا الى تساؤل منطقى عن الكيفية التى سيتم بها اجراء حوار عاقل مع جهة لا تعترف اصلا بالآخر الذى تنفى وجوده، ليس بيننا من يرفض تحقيق حلول عادلة لمشكلاته المستعصية خصوصا اذا كانت الحلول تعفينا عن دفع اثمانها العالية التى تبدأ بالدماء وتنتهى بالدمار، فاذا تحققت المعجزة فهى حلم جميل وسنعتبرها حقيقة كانت ضائعة، ولكن كيف ومع من، ومقابل ماذا ولصالح من !!؟.. هذه التساؤلات والكثير من المخاوف والهواجس تدور فى رؤوس كل من يقرأ الموضوع الذى جاء تحت عنوان ,,المنهج الآمن،، وطبعا لا نتوقع من المواطن ان يقول لنا آمين، ومن حقه علينا ان يجد اجابات مقنعة لتسائلاته ومخاوفه المشروعة، والمواطن الغيور قد يقبل منا شيئ من الحرية والديمقراطية مقابل الأخذ والعطاء مع خصمه، لكنه لا يقبل ان يصبر على مصادرة أرضه مقابل تثبيت سلطة المركز او مقابل منحه جزءا من العدل الذى لا يتجزأ او يمرحل، ومن جهة اخرى أليس من العدل ان نكون عادلين وصادقين مع من ناضل من أجل الأرض والكرامة والعـدل والحرية، ليفقدها اليوم على يد شريك ظالم درج على معاملة المواطنين الشرفاء بعجرفة تفوق عجرفة المستعمر الأجنبى الذى لم يصادر الأرض او يستبيح الأعراض، أليس غريبا ان يساوم المواطن على اولوياته الذاتية والوطنية !!؟، " من بعد تنفيذ سياسة الأحلال السكانى تعقدت الأمور وصعبت المعادلة التى اصبحت تقرأ من جانب جماهيرنا كالآتى {ان نكون ونسعد بتحقيق احلامنا الوطنية شأن الآخر او لا نكون وبالتالى يكون هناك وطنا اسـمه ارتريا}، وفى هذا لا يوجد من يزايد على مجتمعنا لأن الآخر سبق ان تنازل عن السيادة والمسمى لصالح اثيوبيا دون ان يفقد حقوقه فيها، اما نحن نتوعد بذلك اذا لم يتراجع التغرينى عن سياساته الطائفية التى تنشط اليوم لاخلاء الأرض من ساكنيها الشرعيين، هـذا رأينا وللآخر فى الساحة رأي وكل مسئول عن رأيه ورعيته فى حالة فشل جمعهم فى صعيد واحد، وسواء اتفقنا او اختلفنا ستظل العدالة بشقيها مطلبنا ومقصدنا دون ان تتجزأ او تتمرحل او تقايد بثبات المركز، ونحن قادرون على دعمها وتأكيد ضرورتها شـأن العدالة السماوية التى نؤمن بها ونمارسها عن قناعة دون ان نفرد لها مسميات اخرى لا انتقالية ولا مستدامة، وفى امكاننا ان نتحدث عن تعدد البرامج واللوئح والقوانين والأعراف والدساتير، انتقالية .. مـؤقتـة .. معـدلـة او مقارنة، قانون جنائى/ ضبط .. مدنى .. بحرى .. احوال شخصية واخيرا دستورا دائما تستمد منه هـذه القوانين قوتها وشرعيتها وهلمجـرا، أما العدالة واحدة ولا يوجـد نصـف عـدالـة او شيئ من ذلك، وهـذا ما أفتـى بـه اساتذة قانونيين مخضرمين وعلـم الله واسـع وبرضو اللى يسأل ما يتوه.


عودة الى موضوعنا نقول .. تعودنا ان نتداعى كلما حلت بنا كوارث طبيعية او حروب جائرة، وكنا نجتمع دائما لازالة قـواسيها وتخفيف ويلاتها ولكن اليوم لم تحل الكوارث الآ ببعضنا ومن قال حقى غلب، ولأن قوانا اليوم تقف فى مفترق الطرق، وان بعضها متواكل وبعضها يائس وبعضها لا يعلم تداول المواسم وربما لا يريد ان يعرف، وبعضها منغلق على نفسه وبعض مثقفيها يتحدثون عن ,, منهج آمن،، يوصلهم ويوصلنا الى الشاطئ الآمن دون ان ندفع اثمانا عالية على حسب زعمهم، ورغم شكوكنا فى صحة الافكار وغياب المنطق المقنع والخلفية التى تدعم وتحمى، لا نحجر الرؤى ولا نحبط عزائم القائمين عليها لأننا لا نمـلك ذلك الحـق ولا نتمكن من فعل شيئ يفيدهم الآ الدعاء لهم بالتوفيق، واذا كان لابد مـن المساهمة مع كل من يتحرك باسم البلاد ولمصلحة العباد ولو بشق تمرة، ننصحهم ان لا يدخلوا هذه المغامرة الآ وهم مشترين وليس بائعين، أي ان يشتروا قبل ان يبيعـوا، وهذه الوسيلـة من افضل الوسائل الحذرية المتبعة عندما يجبر المرؤ على التعامل مع المرابين، وذلك حتى يتجنب الغش والخبث والغدر، وغنى عـن التعريف ان التعامل مع التاجـر المرابى يحتاج الى حذر زائد وخلفية آمنة ومأمونة، وفى النهاية ندعوا لهم بالتوفيق ونقول لهم ناوروا بقدر قدراتكم ومقدراتكم وكيفما شـئتم واينما شـئتم ولكن نناشدكم ان لا تذهبوا بعيدا وظهوركم مكشوفة، ولا تنسوا ان ما حل بوطنكم الذى تحملون اسمه ودياركم التى تحتضن بقايا اجساد آبائكم وامهاتكم وشتى اعزائكم المقربين هو امرا كبيرا وحدثا خطيرا وهو ليس مسئولية افراد او جماعات بل هو مسئولية المجتمع بأسره، عليه اتفقوا مع مجتمعكم وتسلحوا به ولا تنسوا ان ,, قاعدة اسقاط الشروط المسبقة،، هى الأكثر مرونة وهى حجاب كل من يذهب الى ملاعب الحوارات السياسية خصوصا اذا كانت بين قوى مهاجم وضعيف مدافع، وهذه الأخرى من ابجديات علم السياسة الحوارية الى جانب الظهر المحمى والمفاوض المدعوم بوجود مراجع تتميز بوفرة الكيف والكم.


ورغم زحمة الأحداث وتعدد الرؤى وطول المقال يسرنى ان اقول للأخ الاستاذ/ صلاح أبوراي مهلا على مجتمعك الذى كان يملك بالأمس القريب الثروة المتعددة والتجارة الرائجة والأقتصاد القوى والعلم الموجه والسلاح العاقل وكل شيئ يخطر بالبال، وكان مندفعا بقوة طموحة نحو مواقع العلم مطالبا بفتح المدارس فى القرى والحضر بعد ان قام بتأسـيس الخلاوى والمعاهد الدينية على نفقتـه الخاصة، ايضا كانت تتطلـع جماهيرنا الى توسيع رقعة الأرض المروية والمـزروعة آليا وفى عام 1962م بدأت القوى الرأسمالية الاهلية محادثات جادة مع الخواجة ,, كشانى Kashany،، لبناء سدود على غرار السد الذى بناه فى منطقة ,, عيلا برعد،، وذلك للاسـتفـادة من مياه الأنهار الموسمية، ايضا كانت هناك مساعى طموحة تهدف الى تأسيس شركات مساهمة متعددة الأغراض ( بنوك/ تجارة/ صناعة/ زراعة/ عقار/ فندقة/ انشاء شركات صغيرة تهتم بالتبادل التجارى الداخلى الى جانب توفير الخدمات الضرورية وغيرها) وهذه من أرقى انواع شركات المال والأعمال لأنها تخدم اكثر من غرض الى جانب ملكيتها للعامة (شركات أسهم) وطبيعة أدائها المتميز الذى يتم غالبا بواسطة مدراء متخصصين لا علاقة لهم بحملة الأسهم، وكان قطاع النقل اول البشائر التى رأت النور ولكن ...... !! ضرورة قيام العمل الوطنى العام واشباع الرغبات الحسية كان الأكثر الحاحا وكان مقدما على اشباع الرغبات الملموسة، ولذلك أصبحت الاولوية لتأسيس المقاومة الشعبية التى تم تطويرها الى ثورة، الكرامة، الكبرياء، السيادة، التميز/ حب البقاء وغيره، كل ذلك حال دون تنفيذ العديد من برامج مجتمعك الذى لا لوم عليه فيما مضى من الأيام والسنين.


تعودنا على الجمع مابين المدح والقدح او وضعهما فى حالة تبادل مواقف ثأرية وايضا الخلط بين العداء والخصومة عندما نستثار تنظيميا او نحاصر سياسيا، ورغم ضغط هذا الارث الثقيل وسلطانه علينا لابد من الاشـادة بأصحـاب الفضل، ومن حقهم علينا ان نترحم على ارواحهـم الطاهرة ونذكر مآثرهم المتعددة، فقـد كان لهم القدح المعلى فى كل ما ذكر اعلاه وخصوصـا التعليـم الذى وجد اهتماما كبيرا بفضـل توجيهـات طليعتنـا الـدينية التى اوصت به ورعته، وكنا نود ان نذكر بعضهم لندلل على صحة ماجاء فى سردنا التاريخى، لكننا سنكتفى بما قيل عنهم فى مقالات من سبقونا فى هذا المجال . والحديث عن مجتمعنا المحلى الذى نعتبره اللبنة الحقة لشعبنا وقدوته يطول ويطول لكننا سنكتفى فى هذه السانحة بهذه المعلومات البسيطة التى ترشدنا الى مصدر عزنا الشعبى، ولتقريب القصد وتثمين دور مجتمعنا الذى ملأ كل المساحة الوطنية منفردا نقول: نتـيجة لوعيه الـوطنى الفطـرى المتقـدم كانت طلائع شعبنا العظيم اول من طالب بالاستقلال غير المنقوص عنـدما لم يكن فى القارة السوداء اكثر من (3) ثلاثة دول مستقلة شكليا لكنها كانت منقوصة السيادة نتيجة لسيطرة جيوش المستعمر التى كانت تعسكر على اراضيها (مصر، اثيوبيا وليبيريا)، ولتحقيق ذلك الحلم تمردت طلائع جماهير شعبنا على المستعمر البريطانى والاثيوبى كونها صاحبة المشروع الوطنى الرائد الذى قوبل بصراع محموم من جانب جماعة ,, أندنت،، المدعومة من اثيوبيا، هذا بالاضافة الى غياب حليف خارجي يدعمها ويسند ظهرها، ولاشك ان تلك الطليعة الحية هى التى اشعـلت واضاءت هشيم وظلام الساحة الوطنية بنار ونور الثورة التحررية المباركة التى تمخضت مؤخرا عن التحرير والاستقلال، لكنها تعرضت فجأة لصراعات داخلية وخارجية، محلية وقطرية لم تقوى على التصدى له فى حينه، ولأنها كانت فى بدايات نهضتها الوطنية ومدها الثورى أخفقت طليعتنا فى بعض مهامها الوطنية المتعـددة الأغـراض، وفى تسوية مسئولياتها (الخـاصة) نحو مجتمعها، وعندما اقتربت من النهايات تعرضت للمرة الثانية للكثير من المؤامرات الداخلية والخارجية بالاضافة الى تأرجح خلفيتها القومية والثقافية التى حجبت دعمها المادى والسياسى ( الدعـم العربى الذى توقف او غير اتجاهه)، تلك الاخفاقات اثرت على اداء الطليعة التى انقسمت وتوالدت بشكل شيطانى، لكن كل ذلك لا يقـلل من دورها الطليعى المتعاظم وقدرها الذى سيظل مكرما باعتبارها صاحبة المشروع الوطنى الارترى دون منازع او منافس، > ( ومن غرائب الصدف الطيبة وبينما جميعنا يعانى من حمة الخلاف والاختلاف ان صدر كتابا جديدا تحت عنوان ,, لن نفترق،، لمؤلفه السيد/ ألم سقد تسفاي وهو أول تغرينى يسمى الأشياء بأسمائها، وأول ارترى يجاهر بقول الحق موثقا ومملوكا للقارئ وبصرف النظر عن طعمه ولونه او الجهة التى صدر منها خيرا كانت او شرا وهذه بادرة طيبة تنبئ بالخير اذا تفهمها المثقف التغرينى ونقلها لمجتمعه الكبساوي، وقولوا ماشاء الله لأن الطيب محسود، ورغم صدور الطبعة التغرينية قبل العربية بوقت كافى، مازال الخيلاء حاضرا والمنطق غائبا كالعادة، يعنى الحال كما كان حيث لا تعليق تغرينى على الكتاب او قول شيئ عن الكاتب، أما مفرزات طليعتنا الجماهيرية فقد قالت رأيها بالمئات من خلال حلقاتها اليومية او عبر صفحات الجرائد والانترنيت حيث بادرالاستاذ/ عمر جابر من مولبورن استراليا وقال كلمات معبرة وصادقة فى حق الكاتب والكتاب) < وكان باٍمكان مجتمعنا تخريج المئات من حملة الدكتورا وبناء آلاف المدارس ومئات المستشفيات واقامة عشرات المصانع واعادة اصلاح القديم منها لو تقاعس عن أداء دوره الوطنى واوله تأسيس الثورة ورعايتها، ويكفينا فخرا ان نصيبه من المعلمين قبل قيام الثورات وتحديدا فى عـام 1952/ 1953م كان (97 معلما وطنيا أي 64% مقابل 54 تغـرينيا 36%) ، وذلك مباشرة بعد مغادرة آخر فوج من ضباط الاحياطى السودانيين الـذين انتدبوا كمعلمين وكلفوا باٍنشاء المدارس النظامية فى ارتريا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن ما يقال فى مجالس الكبار العارفين بخفايا الصراع ان ثلثي المجموعة التغرينية كانوا من اصول تجراوية تم استجلابهم بواسطة حزب آندنت الذى كان أمينه العام معلما قبل ان يصبح رئيسا للسلطة التنفيذية (السيد/ تدلا باريو) وذلك اسوة بتواجد المعلمين السودانيين لكنهم لم يعودوا الى بلادهم مقابل عودة السودانيين، وفى فترة السيد/ أسفها ولد ميكائيل الذى جاء خلفا للسيد/ تدلا باريو ( معلم سابق) تضاعف عدد المعلمين التغرينيين وفقا لمنوال المتوالية الهندسية، ايضا جيئ بالسيد/ أسفها كحساي خلفا للسيد/ اسحق تولدى مدهن الذى كان يشغل منصب مدير المعارف الارترية ( من منطقة جبال المنسع)، كل ذلك تم بجهد الآباء واليوم ينبغى ان يأتى دور الأبناء، وهؤلاء يحتاجون منا الى تشجيع ومناصرة بدلا من الأغراق والاكثار من مؤثرات الاحباط حتى نتجاوز محطة العجوز الاثيوبية ,, أسلقاش،، وخيمتها البكائية الملعونة، خصوصا وان العصا يفترض ان تكون اليوم بيد الجيل الجديد والأخ أبوراي أحـد عناصره، أما لماذا لم يحدث ذلك فهذا الأمر يمكن ان نتداوله لاحقا عندما نفرغ من توجيه المجتمع نحو اتجاه مصالحه الحيوية ولكن دون ان نعرضه لملاحقات تاريخية تم قياسها بمعايير حديثة من بعد معرفتنا للنتائج غير المرضية، ومما يرفع درجة الحساسية وضيق الصدور اننا اليوم نتعرض لسـياسـات قمعيـة استحواذية تهدف الى تنفيذ الفصل الأخير من برنامج نحن واهدافنا من خلال التعجيل بتنفيذ العيبة المسماة (الـديمغرافية الطائفية ) التى يمارسها النظام ضد المنخفضات الارترية ومواطنيها، وهذه لا تنسجم مع الأمانى التفاؤلية الجميلة التى ينشدها بعـض شبابنا من المثقفين الارتريين المتفائلين، ولا شك ان هـذا القطاع بشقيه المسلم والمسيحى فى المرتفعات والمنخفضات، ذوى التوجهات العربية او التغـرينية او غيـرهم، كلهم ينشدون وحدة الساحة ويتحدثون عن التغيير الديمقراطى والتعايش السلمى المزعوم بالرغم من حصيلتهم التاريخية ومشاهداتهم اليومية التى عاصروها او شاركوا فى أدائها سلبا او ايجابا، لا ننكر عليهم حرصهم ودعوتهم الى ضرورة وحدة الكائن والكيان، ولكن نذكرهم أن مجمل الأحداث التاريخية والحالية تخالف امانيهم الطيبة وتمنياتهم النبيلة، فقد سبق ان دمرت الأحداث التاريخية جسورا وقناطرا وسدت انهارا ووديانا وينابيع وطنية كانت سالكة، وان تلك المواقف السلبية كانت السـبب المباشـر والمتسـبب الرئيـس الـذى أدى الى تأجيل اسـتقلال البلاد لأربعة عقود هى خصما عـن عمر الكيان الارترى (1951/ 1991م) واستقلاله المنشود وهى نتيجة طبيعية للمواقف غير الوطنية التى دعمت المصالح الاثيوبية بوقوفها ضد المصالح الوطنية، فى الواقع لسنا بحاجة لتفسير احداث تلك الحقبة الزمنية لأنها كانت مكشوفة للعيان ومعتمدة على الدعم الاثيوبى نهارا جهارا من خلال الأنضواء تحت ظلال ,, حزب أندنت،، والعمل ضد مصالح ومستقبل الوطن الارترى الذى طال انتظار مخاضه الذى ظل متعثرا ومازال يعانى الأمرين نتيجة لآثار الأحداث القديمة وذيولهـا التى اصبحت اكثر طولا وأكبر تأثيرا من بداياتها التى حدثت فى مطلع اربعينيات القرن الماضى، عليه نذكر الجميع شيوخا وشبابا، قدامى السياسيين والقوة الحديثة، بأحداث الأمس واليوم وكيف ان تلك المواقف والاحـداث أدت الى ما نعيشـه اليوم، ضعف وشتات، خصومات وعداوات أدت بنا الى عدم تحقيق المطالب المركزية ومن قبلها الحقوق، ونتيجة لذلك فقدت القافلة بوصلتها فأتجهت نحو وجهة معاكسة لاٍتجاه التغيير الديمقراطى والتعايـش السلمى، والشق الأخير من الجملة لا نسمعه الآ من ألسنة الطرف المنكوب، ومع ذلك نجزم بأننا كنا ومازلنا المركز التاريخى الخلاق والأداة المؤثر التى لا يتجاوزها حراك سياسى او اجتماعى ، بل اكثر من ذلك ان مجتمعنا هو من يحدد مستقبل البلاد ومن يعتقد غير ذك فليمضى فى غيه وغدا لناظره قريب، عليه نناشد كل الجهات العاملة ان لا تعيدنا الى المربع الأول من جديد، لأننا جميعا لا نعلم ما الذى سيحدث عندئذ، ومن البديهى ان يصدم القارئ الشاب اذا علم ان كلا الأحداث السابقة والحالية تمت بترتيب وتخطيـط محكم مـن جانب واجهات كبسا التغـرينية وبمباركة جماهيرها التى تنفذ اليوم ديمغرافيتها الطائفية التى تدفع نحو ضياع الوطن بأسره، كان الماضى هكذا ومن بعده تواصلت الأحداث وكأنها كانت على موعد مع محطتها الاخيرة وهو النيـل من " التعايش السـلمى" الذى اغرقته عمدا فى بحر من الخصومات الضارة والعداوات القاتلة التى توطنت وتأصلت فيما بعد فى ظل النظام الحالى الذى وجدت فيه أرضية صالحة للتوالد والتوسع والانتشار دون ان يعترض طريقها ممانع قادر على اٍيقاف تناميها المضطرد خصوصا بعد شتات القوى الجماهيرية، وعندما تحـقق لألة التدمير مطالبها الكيدية اللاشرعية انتزعت نصيب المسلمين من الثروة والسلطة فى منطقتى المرتفعات والمنخفضات لصالح التغرينيين، وانتـزعـت حقوق وممتلكات سكان المنخفضات ايضا لصالح نفس المجموعة، هذه الحقوق تشمل الثروة والسلطة والأرض السكنية والزراعية والرعـوية التى استولت عليهـا الشـعبية لصالح كبسا التغرينية، ونتيجة لذلك انتهى النفس الوطنى كما انتهت الشراكة المزعومة التى لم يتبق منها الآ التمنيات النظرية التى ينشدهـا ويدعـو لها بعـض الشباب من قطاع المثقفين التغرينيين لمجرد التسلية وملئ الفراغ الى جانب عدد آخر مـن حملة الثقافة العربية بعضهم فقد التركيز وربما القدرة على الصمود بالرغم من خلفيته التاريخية ونضالاته المشهود لها من مختلف الأطراف والبعض الآخر يحاول ان يعمل منفردا تحت عناوين اصغر حجما واقل شأنا، وكل يغنى " ليلاه " على سلم موسيقى يخالف الآخر رغم محاولات يائسة تهـدف الى توحيد الاٍيقاع بوضع البيض مع الحجر، هـذا التطور السلبى ادى الى اختلاف الأهداف والى تباين مسمياته وهذا هو مربط الفرس، وعلى أثر ذلك وضح بما لا يترك مجالا للشك أن هذا المكون ينتمى حقيقة الى شعوب متعددة المنشأ والأعراق والثقافات ونتيجة لذلك اختلف فى الأهداف والتطلعات، فهـو ليس شعـبا واحدا كما يزعم النظام او كما يتمنى بعـض الحالمين من المثقفـين النظريين.


هناك أمر ملفت للنظر، قاطع للحجج، موقف مخجل لا يسنده عقل او منطق وهو .. ,, ان الجانب التغرينى وفى مختلف قطاعاته ومواقعه التنظيمية والاهلية ,, مثقفين وعامة،، أو ,, معارضين وموالين،، لا يعترض صراحة على الممارسات الاستحواذية التى تصدر مـن التغرينيين الرسميين او الشعـبيين ضد الشريك الآخر، ربما لأنهم يعتبرون الاستحواذ على حقوق الشريك المسلم "حق " مباح غير قابل للمساومة، وان لم يفعل بعضهم يعتبر تصرفه " تنازلا" عـن حقوق تغرينية اصيلة، وان وجد من يقولهـا من بينهم علنا فيقولها دعما لقضيته الجغرافية الخاصة، وخير مثال هو موقف,, تغرينيين أكلى قوزاي،، الذين ينسبون جرائم الاستحواذ على حقوق المسلمـين الى أبناء ,, حماسين،، بصفة تعميمية او لرأس النظام الحالى، وذلك دعما لقضيتهم المعروفـة ,, مذابح ابنائهم تحت مسمى منكع،،، وفى موقف آخر نجد كافة التغرينيين بما فى ذلك ابناء ,, أكلى قوزاي،، يتمترسون جميعا فى خندق واحد معترضين على اقتلاع النظام من جذوره التنظيمية او استخدام الوسائل العسكرية ضده، هذا الموقف تتبناه كل المجاميع المعارضة التى خرجت مـن جلباب الشعبية بالاضافة الى حزب الشعب فى عهد قيادته الحالية ومؤخرا السيد/ عبد الرحمن سيد بشخصه وربما ينسحب ذلك على منظمته ,, سدرى،، على اى حال مازال الوقت مبكرا والجميع فى انتظار مستجدات وتحولات جديدة على مستوى الساحة وقد نفاجأ بعصا موسى التى تلتهم السابق واللاحق، حيث لا ثبات او تجديدات وتحولات مطلقة بمعزل عن الأخرى.


قد تنشرح الصدور وتصفق الأيدى لكل من يتحدث عـن السلام ويدعو له مخلصا، وفى هذا الشأن تتفاوت المواقف وتتلاقح الرؤى، وقد يوافق الجرحى على نسيان آلامهم القديمة ولكن ليس لدرجة تناسى جراحاتهم الجديدة التى مازالت تدمى ( الأرض المسروقة من خلال الديمغرافية الطائفية)، عليه لا نريد ان نحبط ارادة العاملين لجلب الخير والداعين لرص الصفوف لكننا نعلم علم اليقين ان هذه الدعوات سوف لا تصمد امام قضية الأرض وسكانه المطاردين بالديمغرافية التغرينية القبييحة التى تسير على قدم وساق من جانب نظام الشعبية وتحظى بقبول ورضاء معظم الجماهير المستفيدة التى جاؤوا بها لتحل مكان اصحاب الأرض المسروقة، وامام هذا السلوك ستظل الابواب كلها مقفلة والمتضرر متحفز، وان كان فى الافق أمل او رجاء لاٍستقرار الاوضاع فى ارتريا، فهو مخاطبة التغرينيين واقناعهم للرحيل عن أراضى المنخفضات الارترية والاقلاع عن سلوك الاستحواذ والانفراد بالسلطة وامتلاك الثروات الوطنية، فاٍن فشلت هذه المساعى فاٍننا لا نرى فى الاٍفق الآ اعتداءا ظالما تعقبه حروبا عاجلة او آجلة ودمارا قاسيا يأتى على الأخضر واليابس، وانطلاقا من ذلك نقول لكل الفصائل وكافة التجمعات وباسم شعب المنخفضات الارترية .. ان من لا يتصدى لسياسات الاحلال ليس منا ولا يمثلنا او يمت الينا بأى نوع من الصلات، وعلى ذلك ستبنى علاقاتنا مع اخواننا واصدقائنا وحلفائنا المحليين وسائر المنتمين الى الكيان الارترى.


نخلص من ذلك الى ان الكرة فى ايدى ابناء كبسا الذين يمكنهم ان يتداركوا الموقف من خلال اعادة عشرات الآلاف من اسرهم المهجرة الى موطنها الاصلى فى كبسا وترك اراضى المنخفضات لأهلها، وبالعدم فان مستقبل البلاد سيتجـه نحو حروب اهليـة تأكل الأخضر واليابس وسوف لا يستفيد منها أى من الطرفـين، وفى أحسن الأحوال قد ينتهى الصراع بتقسيم الكيان الى دويلات ضعيفة متناحرة، مع العلم ان الارتريين يختلفون فى كل مايتعلق بالوطن بما فى ذلك اسمه الذى نختلف فى نطقه على رأي الأخ الاستاذ/ محمود لوبينت الذى كان صادقا وموفقا فى ملاحظته الزكية التى وردت فى احـد مقالاته الجميلة التى تقرأ تحت عنوان ,, أوراق ارترية،، ومن جهة اخرى ليس غريبا ان نختلف فى ادارة الوطن ورسم خارطة مستقبله، طالما أختلفنا فى الشراكة نفسهـا، وامام هذ الشلال الخلافى الهادر والجراحات المتكررة واخيرا سرقـة الأرض ونشاط سياسات الأحلال البشرى سوف لا تصمد الدعوات المطلقة والنيات الطيبة الرامية الى حل النزاع الارترىـ الارترى، مالم يتخل الشريك التغرينى عن سياساته الاستحواذية، ويخلى الأراضى المنهوبة ويعود فورا الى مناطقه فى كبسا، لأن عادة يطلب التوقف عن مواصلة الشجار من المعتدى وليس المعتدى عليه.


اذا تحققت هذه الخطوة يمكن اطلاق دعوة جماهيرية عامة للجلوس حول مائدة لقاء جاد يتم فيه اعلان اتفاقيات متكاملة والتوقيع على ميثاق، واعادة التقسيم الادارى القديم ( 9 مديريات) وربما تطبيق نهج لامركزى او فيدرالى يعطى الحق لكل صاحب حق لتمكينه من ادارة قطاعه الجغرافى بمعرفة أبناءه وبمعزل عن تدخلات زيد فى شئون عبيد الآ وفق ما يتم تضمينه فى الميثاق وفيما بعد الدستور، ثم يعلن الصلح العام بين الأطراف المختلفة.


وفى الختام ندعوا ألله ان يوفقنا ويهدينا الى الطريق المؤدى الى ساحات العدل والسلام، وندعوه ان يحسن نوايانا ويحقق مساعينا ومقاصدنـا ويهدى ابنائنا ويمكننا من تجميع اطرافنا وينصرنا على خصومنا واعدائنا.


بقلم محمد سليمان أسناي ( كدوس)

kadous46@ymail.com

رقـم مسـلسـل (4)

مقالات سـابقة:

1/ أللى عنـده كـلام يقـولـه.

2/ ليـكن الـوطن وهمـومـه شـراكـة مـابـين مـواطـنيه.

3/ تلغـراف عاجـل.