منبر الحـــــوار

 

للاستاذ:- عبدالرحيم ابو ياسر
ملبورت - استراليا.

20/12/2021

 
 
 


كلمة وفاء ورثاء* لزعيم الأجيال الأستاذ الدكتور "حسن محمد عثمان حيوتي":-
 

 


كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق، التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة، وكم اشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة، واختنق بالدموع، وانا لا استطيع ان اودع واحداً من اصدقائي القادة من جيل القيادات والادارات الافاضل المؤمنة بكلمة القيادة والرسالة التربوية العظيمة، والادارة المراقبة الناكرين للذات، في ذلك الزمن الجميل البعيد، "حسن حيوتي" حبيب الجميع، كيف لا وهو ابن احد القادة من الرعيل الاول:- *الشيخ محمد عثمان حيوتي* والذي انبؤنا بانه قد فارق الدنيا، بعد تلك المسيرة التي كان فيها عطائه عريضة، ومشوار حياته في السلك الاداري والتعليمي والعمل والاجتماعي، تاركاً سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحاً نقية، وميراثاً من القيم والاخلاق والمثل الاعلى من النبل والهيبة والوجاهة.
فيا أيها الانسان الطيب، والمدير المخلص، والاداري القدير ويا نبع العطاء والنهر المتدفق محباً لعمله، حقا يعز عليا فراقك، في وقت كان علينا ان نسعد فيه بالحرية في الوطن المكلوم وفي الوقت الذي يحتاج فيه الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين.
تعرفت على الفقيد متاخرا، وكنا نخبة اكفاء، جمعتنا قضية الوطن، اذكر من بينهم:-
- الاستاذ المرحوم ياسين ادم
- المرحوم الدكتور محمد سعيد شوماي
- المرحوم الدكتور محمد ادريس خليفة ومهما - المرحوم الاستاذ عمر تركي كتبت من كلمات - السيد يوسف ابرهيم عمران، اطال في عمره. وغيرهم.
فقيدي"حسن حيوتي" مهما كتبت من كلمات رثاء عنك، وسطرت من حروف حزينة باكية، لن اوفيك حقك لما قدمته من علم ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل اخراج شباب ورجال للمستقبل والغد، امثال الشبخ الوقور:- الشيخ فايد محمد سعيد الذي يجاهد للاعلاء كلمة الله!! اين؟ في اوروبا!!! انها معجزات!!!.
والدكتور محمد وهاشم وغيرهم الذين لا اعرفهم، فقد علمت الكثير عنك من أخلاق وقيم فاضلة، وغرست في الشباب حب العمل والمعرفة، وحنكة وادارة ونميت في اعماقهم قيم المحبة والخير والانتماء.
ويا لسعادتي، وشرف كبير لي، ان اكون واحداً من بين اخوانك وزملائك في ذلك الوقت.
عرفت الفقيد فرحا باسما متسامحاً، راضياً، قنوعاً، ملتزماً بانسانيته كما هو ملتزم بنبله واخلاقه، حمل الامانة باخلاص، واعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم. تمتع بخصال ومزايا حميدة جلها الايمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب، متميزاً بالدماثة، والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب اخوته وزملائه وكل من عرفه والتقى به. وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس؟
أعواما امضاها في تشكيل الاعمال الادارية كمدير للشركات الوطنية، والتي كانت نادرة جدا بالنسبة لامثال الفقيد!!. لاسباب عنصرية، ومع ذلك كان رسول علم ومعرفة وادارة مكاتب، وجدول عطاء وتضحية، فنعم المدير والأب الحنون والأخ الودود والصديق الصدوق. كان قدوة ونموذجاً ومثالاً يحتذى به في البساطة والوداعة والرقة والعطف والحنان وسمو الاخلاق وطهارة النفس والروح ونقاء القلب والعفوية والتسامح. بالاضافة الى المهابة واعطى كل ما لديه بلا حدود، دون كلل أو ملل، في مهنة ورسالة هي من أصعب المهن، وأهم الرسالات، رسالة ادارة المكاتب بكل ما تحمله في طياتها من المعاني، التي في صلبها بناء الانسان، وبناء الوطن، وبناء المجتمع. ولحظي فقد تعرفت عليه شخصيا مع الاصدقاء رحمة الله عليهم جميعا، اذكر من بينهم الحاج عبدالعزيز ابادر، والدكتور عبدالقادر سعيد والسيد ، وكنا نجتمع معا اما في صيدلية الحاج ابادر، نتبادل احاديث الوطن. ومن عادته كان همه التحدث عن الوطن والمواطنة، كان هذا قبل ما يسمى بالتحرير المشؤوم، الى ان فوجئنا بخبر ووالله لقد بكيت وحزنت عليه وفقدت وعي اثنا دفنه. كما اغتيل بنفس الطريقة الدكتور حسن عبيد، فكانت تتوالى علينا الاحزان حينها بين الحين والحين، حتى تركت البلد بعد ذلك.
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، والزم أهله وزويه الصبر وحسن العزاء. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر اللهم لنا وله، اللهم اسقه من حوض نبيك محمد صلى الله عليه وسلم شربه هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، امين يارب العالمين.
واخيرا، اقول:- نم مرتاحا قرير العين والبال والضمير، فقد أديت الامانة وقمت بدورك على افضل وجه، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون. وما لي في وقفة وداعك سوى، ان اقول ما يمليه علي الله سبحانه في قوله تعالى:- "انا لله وانا اليه راجعون".